الفرق بين القرن الحسن والقرض الربوي
2 مشترك
منتدى الإبداع لتلاميذ ثانوية إدريس الحريزي التأهيلية :: منتدى ثانوية إدريس الحريزي التأهيلية :: أنشطة مادة التربية الإسلامية
صفحة 1 من اصل 1
الفرق بين القرن الحسن والقرض الربوي
الفرق بين القرن الحسن والقرض الربوي
تعريف القرض :
القرض لغة: هو القطع، يقال: قرضه يقرضه قرضاً أي قطعه. و سمي المال المدفوع للمقترض قرضاً لأنه قطعة من مال المقرض ، و يسم أيضاً السلف .
وأما القرض اصطلاحاً: فهو تمليك مال مثلي لمن يلزمه رد مثله .
الترادف بين القرض والسلف والدَّيْن:
إن القرض والسلف كلمتان مترادفتان؛ فكما أن القرض يرد فيه المقترض بدل ما أخذ من المقرِض؛ فكذلك السلف.
أما الدَّيْن فهو عامٌّ؛ حيث إنه يطلق على القرض، والسَّلَم، وبيع الأعيان إلى أجل.
فهو عبارة عن ((كل معاملة كان أحد العوضين فيها نقداً، والآخر نسيئة)).
هذا، وإن القرض في أحكام الشريعة الإسلامية ينقسم إلى قسمين: قرض حسن، وقرض ربوي
أولاً : القرض الحسن : هو ما يعطيه المقرض من المال إرفاقاً بالمقترض ليرد إليه مثله دون اشتراط زيادة، ويطلق هذا اللفظ كما جاء في القرآن على المال الذي ينفق على المحتاجين طلباً لثواب الآخرة.
أنواع القرض الحسن:
نظراً إلى التعريف المتقدم، نقسِّم القرض الحسن إلى نوعين:
ما يقرضه العبد لربه، وما يتقارضه الناس فيما بينهم.
النوع الأول: القرض بين العبد وربه:
وهو ما يدفعه المسلم عوناً لأخيه دون استرجاع بدل منه، طلباً لثواب الآخرة، ويشمل ذلك الإنفاق في سبيل الله بأنواعه كالإنفاق في الجهاد، وعلى اليتامى والأرامل والعجزة والمساكين.
وقد جاء لفظ القرض بهذا المعنى في القرآن الكريم في ستة مواضع: منها ما ورد في سورة البقرة، من قوله تعالى: { مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة: 244-245].
فكما نرى أن الاقتراض في هذه الآيات ليس من النوع الذي اعتدناه بأن يقترض شخص من آخر لحاجته منه إلى القرض.
إن الاقتراض هذه المرة من الغني الحميد الذي يطلب من عباده أن ينفقوا أموالهم للمحتاجين دون طلب رجوعها إليهم.
ولذلك تكفل سبحانه وتعالى بقضاء مثل هذه القروض بأضعافها، وسماها سبحانه وتعالى قروضاً حسنة لما فيها من التعاون والإرفاق من المقرضين.
وهناك سؤال يطرح نفسه في هذه النقطة وهو: لماذا سمى الله سبحانه وتعالى هذا النوع قرضاً؟؟
وقد أجابوا عن ذلك بأنه إنما سماه الله تعالى قرضاً لينبه على أن الثواب الموعود للمنفق في سبيله واصل إليه لا محالة، كما أن قضاء القرض واجب على المقترض.
النوع الثاني: القرض بين المسلم وأخيه:
تحديد القرض الحسن: ومما ينبغي ملاحظته في هذه النقطة التحديد الذي وضعه العلماء للقرض في كونه حسناً؛ حيث قالوا: لا يكون القرض حسناً حتى تتوفر فيه الشروط الآتية:
الشرط الأول: أن يكون المال المقرَض حلالاً لم يختلط به الحرام؛ لأن مع الشبهة يقع الاختلاط، ومع الاختلاط يقبح الفعل.
الشرط الثاني: أن لا يتبع المُقْرِض ما أقرض بالمن والأذى.
الشرط الثالث: أن يدفعه المقرض على نية التقرب إلى الله، سبحانه وتعالى، لأن ما فُعِلَ رياءً وسمعةً لا يُستحق به الثواب.
الشرط الرابع: ألا يجر القرض نفعًا على المُقْرِض.
حكم القرض و حكمة مشروعيته :
أما الحكم العام للقرض فهو الجواز؛ فإنه يجوز للحاجة، وقد دل على جوازه الكتاب والسنة والإجماع والقياس الصحيح.
أما الكتاب فبقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: 77].
وأما السنة فبقوله صلى الله عليه وسلم: «من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا ، نفس الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ، و من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا و الآخرة ، و الله في عون العبد ماكان العبد في عون أخيه ».
وأما الإجماع فهو ما نراه من تعامل المسلمين به من الصدر الأول إلى الآن.
وإذا رجعنا إلى القياس فإننا نقيس القرض بالعارية.
فباب العارية أصله أن يعطي المعير ماله لينتفع به المستعير ثم يعيده إليه.
فتارة تكون المنافع غير ملموسة، كما في إعارة العقار والمركوبات.
وتارة تكون ملموسة، كما في إعارة الماشية ليُشرب لبنُها أو الشجرة ليؤكل ثمرها.
فكما أن العارية من باب التبرع بالمنافع فكذلك القرض.
وأما الحكم الخاص للقرض فهو حكمه الذي يخص المُقْرِض، وحكمه الذي يخص المقترض.
فالذي يخص (المقرض) هو أن الأصل فيه أنه مندوب (للمقرض)؛ لما ورد من أحاديث تحض على الإقراض.
وقد يعرض ما يوجب فعله فيصير واجبا، كالإقراض للمضطر ممن اضطر إليه لحفظ النفس أو المال.
أو يعرض ما يسبب كراهيته كالاستعانة به على مكروه.
أو ما يحرمه، كالاستعانة به على معصية.
وحكمه الذي يخص (المقترض) هو الإباحة، فلا خلاف في جواز الاستقراض عند الحاجة
قال الإمام أحمد - رحمه الله -: (ليس القرض من المسألة)، يعني ليس بمكروه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستقرض؛ فلو كان مكروهاً أو كان هناك عيب على طالبه لكان صلى الله عليه وسلم أبعد الناس منه، ولأنه إنما يأخذه المقترض بعوض فأشبه الشراء بديْن في الذمة.
توثيق القرض في الشريعة الإسلامية :
إن الإنسان بطبيعته وجِبِلَّته محب للمال، وإن كان ذلك على درجات متفاوتة في طول أمله وقصره.
قال الله تعالى: {وَتُحِبُّونَ المَالَ حُباًّ جَماًّ} [الفجر: 20]، لذلك لما طلب الشرع من صاحب المال أن يفارقه فترة من الزمن بإقراضه لأخيه المحتاج دون طلب منفعة مادية، جعل لذلك المال المقرض بعض وثائق، كي يطمئن قلب المقرض برجوعه إليه.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَن يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً ... } [البقرة: 282].
في هذه الآية أمر بكتابة الدّيْن الذي يشمل القرض الحسن وباقي البيوع المؤجلة.
ومنها استنبط العلماء أحكاماً كثيرة بالنسبة للشهادة والشاهد والمشهود عليه.
كذلك توثيق الدين بالرهن:
قال تعالى: {وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِباً فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283]، وثبت في السنة أن توثيق الدين بالرهن لا يختص بحالة السفر؛ لأنه كما روت عائشة رضي الله عنها: «أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعاماً إلى أجل، ورهنه درعاً له من حديد».
و كذلك توثيق الدّيْن بالضمان:
والمراد بالضمان هو أن يلتزم إنسان أداء دين إنسان آخر إذا كان ذلك الآخر لا يؤديه، أو هو ضم ذمة الضامن إلى ذمة المضمون عنه في التزام الحق، فيثبت في ذمتهما جميعاً، ولصاحب الحق مطالبة من شاء منهما.
الإسلام يحض و يحث على الإقراض :
فعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «دخل رجل الجنة فرأى مكتوبا على بابها: الصدقة بعشر أمثالها، والقرض بثمانية عشر».
فلم يكتف الإسلام بوضع قواعد لتوثيق المال المقرَض يأتمن بها صاحب المال ويطمئن في إقراضها، وإنما حض عليه وحرَّض المؤمنين على دفعه؛ حيث وعد الله لهم الإثابة عليه، وجعله قربة يتقرب به العبد إليه.
كما بيّن نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم جزاء القائم به من الثواب وعون الله والتيسير له في الدارين.
هذا كله لما في القرض من الرفق بالمحتاجين والرحمة بهم وتفريج كربهم.
وقد تتابعت آثار من الصحابة في الدلالة على أن الإقراض مرتين للمحتاج خير من التصدق عليه بالمال المقرَض مرة، أو كالصدقة بها عليه.
منها ما روي عن ابن عباس أنه قال: (لأن أُقرِض مرتين أحب إليّ من أن أعطيه مرة).
ومنها ما روي عن ابن مسعود أنه قال: (لأن أُقرض مرتين أحب إليّ من أن أتصدق).
كما روي مثل ذلك عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم أجمعين.
ثانياً القرض الربوي :
إذا كان القرض بمعنى دفع المال إرفاقاً لمن ينتفع به ويرد مثله أو قيمته، وكان الربا بمعنى تلك الزيادة المالية التي لا مقابل لها في معاوضة مال بمال تبيّن واضحاً أن القرض الربوي هو :القرض الذي يشترط فيه المقرض شيئاً زيادة على ما أقرض.
و المعلوم لدى الجميع أن الربا المحرم في عصر النبوة كان في القرض :
إن الربا المتعامل به في عصر النبوة والذي سماه القرآن ربا هو تلك الزيادة المشروطة في القروض والديون؛ لأن هذه المعاملة هي ما يرجع إليه لفظ الربا في ذلك العصر.
وهي معاملة شائعة ومعروفة بينهم.
1. قال الجصاص: الربا الذي كانت العرب تعرفه وتفعله، إنما كان قرض الدراهم والدنانير إلى أجل، بزيادة على قدر ما استقرض، على ما يتراضون به ....... هذا كان المتعارف المشهور بينهم ،ثم قال: ولم يكن تعاملهم بالربا إلا على هذا الوجه الذي ذكرنا، من قرض دراهم أو دنانير إلى أجل، مع شرط الزيادة.
2. وقال الرازي: أما ربا النسيئة فهو الأمر الذي كان مشهوراً متعارَفاً في الجاهلية؛ وذلك أنهم كانوا يدفعون المال على أن يأخذوا كل شهر قدراً معيناً، ويكون رأس المال باقياً، ثم إذا حلّ الدين طالبوا المدين برأس المال، فإن تعذر عليه الأداء زادوا في الحق والأجل؛ فهذا هو الربا الذي كانوا في الجاهلية يتعاملون به.
نفهم مما تقدم أن الربا المتعامل به في عصر النزول، والذي جاءت آيات القرآن بتحريمه كان على القرض، وهو نوعان:
النوع الأول: هو تلك الزيادة التي تشترط في أول العقد في عقد القرض، فيكون العقد ربويا من الأصل وهو الإقراض باشتراط فائدة
النوع الثاني: هو الزيادة الثانية أو المكررة، في دين البيع.
وهو الذي قلنا: يبيع الرجل البيع إلى أجل مسمى؛ فإذا حل الأجل ولم يكن عند صاحبه قضاء زاده وأخّر عنه، وهو ما يسمى البيع الآجل.
وإن كان ذلك لا يعني أنهم لا يزيدون في ثمن البيع على قيمته نقداً.
الفائدة في القرض هي عين الربا :
يتضح مما تقدم أن الربا المعهود في عصر النبوة هو تلك الزيادة التي يشترطها المقرِض على رأس مال القرض؛ فكذلك الفائدة التي عرّفوها بأنها: الزيادة على رأس المال النقدي المقرَض، بشرط ألا يزيد على الحد المقرر قانونياً، فإذا زادت عليه فهو الربا عندهم في قانون الاقتصاد الرأسمالي.
ولكي نزيد الأمر وضوحاً، ينبغي أن نبيّن أوصاف القرض الربوي التي إذا اكتملت في القرض صار ربوياً، على رغم ما سمي به من الأسماء، و هي:
1. الزيادة التي يزيدها المقرِض على أصل رأس مال القرض.
2. الأجل الذي من أجله تؤدى هذه الزيادة.
3. كون هذه الزيادة شرطا مضموناً في التعاقد.
ومعروف أن هذه الأوصاف الثلاثة قد اجتمعت في القروض ذات الفوائد التي نتكلم عنها (يعني فوائد البنوك)
ويزيد موقفنا هذا تأكيداً: أن المجامع الفقهية الإسلامية قد أجمعت على أن هذه الفوائد محرمة وأنها عين الربا بأنواعها .
و بعد هذا كله و مع انتشار البنوك الإسلامية هل يمكن لهذه البنوك أن تقدم مثل هذه الخدمة ( القرض الحسن ) لجمهور الناس ؟؟؟
الدكتور يوسف شنار
المراقب الشرعي
تعريف القرض :
القرض لغة: هو القطع، يقال: قرضه يقرضه قرضاً أي قطعه. و سمي المال المدفوع للمقترض قرضاً لأنه قطعة من مال المقرض ، و يسم أيضاً السلف .
وأما القرض اصطلاحاً: فهو تمليك مال مثلي لمن يلزمه رد مثله .
الترادف بين القرض والسلف والدَّيْن:
إن القرض والسلف كلمتان مترادفتان؛ فكما أن القرض يرد فيه المقترض بدل ما أخذ من المقرِض؛ فكذلك السلف.
أما الدَّيْن فهو عامٌّ؛ حيث إنه يطلق على القرض، والسَّلَم، وبيع الأعيان إلى أجل.
فهو عبارة عن ((كل معاملة كان أحد العوضين فيها نقداً، والآخر نسيئة)).
هذا، وإن القرض في أحكام الشريعة الإسلامية ينقسم إلى قسمين: قرض حسن، وقرض ربوي
أولاً : القرض الحسن : هو ما يعطيه المقرض من المال إرفاقاً بالمقترض ليرد إليه مثله دون اشتراط زيادة، ويطلق هذا اللفظ كما جاء في القرآن على المال الذي ينفق على المحتاجين طلباً لثواب الآخرة.
أنواع القرض الحسن:
نظراً إلى التعريف المتقدم، نقسِّم القرض الحسن إلى نوعين:
ما يقرضه العبد لربه، وما يتقارضه الناس فيما بينهم.
النوع الأول: القرض بين العبد وربه:
وهو ما يدفعه المسلم عوناً لأخيه دون استرجاع بدل منه، طلباً لثواب الآخرة، ويشمل ذلك الإنفاق في سبيل الله بأنواعه كالإنفاق في الجهاد، وعلى اليتامى والأرامل والعجزة والمساكين.
وقد جاء لفظ القرض بهذا المعنى في القرآن الكريم في ستة مواضع: منها ما ورد في سورة البقرة، من قوله تعالى: { مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة: 244-245].
فكما نرى أن الاقتراض في هذه الآيات ليس من النوع الذي اعتدناه بأن يقترض شخص من آخر لحاجته منه إلى القرض.
إن الاقتراض هذه المرة من الغني الحميد الذي يطلب من عباده أن ينفقوا أموالهم للمحتاجين دون طلب رجوعها إليهم.
ولذلك تكفل سبحانه وتعالى بقضاء مثل هذه القروض بأضعافها، وسماها سبحانه وتعالى قروضاً حسنة لما فيها من التعاون والإرفاق من المقرضين.
وهناك سؤال يطرح نفسه في هذه النقطة وهو: لماذا سمى الله سبحانه وتعالى هذا النوع قرضاً؟؟
وقد أجابوا عن ذلك بأنه إنما سماه الله تعالى قرضاً لينبه على أن الثواب الموعود للمنفق في سبيله واصل إليه لا محالة، كما أن قضاء القرض واجب على المقترض.
النوع الثاني: القرض بين المسلم وأخيه:
تحديد القرض الحسن: ومما ينبغي ملاحظته في هذه النقطة التحديد الذي وضعه العلماء للقرض في كونه حسناً؛ حيث قالوا: لا يكون القرض حسناً حتى تتوفر فيه الشروط الآتية:
الشرط الأول: أن يكون المال المقرَض حلالاً لم يختلط به الحرام؛ لأن مع الشبهة يقع الاختلاط، ومع الاختلاط يقبح الفعل.
الشرط الثاني: أن لا يتبع المُقْرِض ما أقرض بالمن والأذى.
الشرط الثالث: أن يدفعه المقرض على نية التقرب إلى الله، سبحانه وتعالى، لأن ما فُعِلَ رياءً وسمعةً لا يُستحق به الثواب.
الشرط الرابع: ألا يجر القرض نفعًا على المُقْرِض.
حكم القرض و حكمة مشروعيته :
أما الحكم العام للقرض فهو الجواز؛ فإنه يجوز للحاجة، وقد دل على جوازه الكتاب والسنة والإجماع والقياس الصحيح.
أما الكتاب فبقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: 77].
وأما السنة فبقوله صلى الله عليه وسلم: «من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا ، نفس الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ، و من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا و الآخرة ، و الله في عون العبد ماكان العبد في عون أخيه ».
وأما الإجماع فهو ما نراه من تعامل المسلمين به من الصدر الأول إلى الآن.
وإذا رجعنا إلى القياس فإننا نقيس القرض بالعارية.
فباب العارية أصله أن يعطي المعير ماله لينتفع به المستعير ثم يعيده إليه.
فتارة تكون المنافع غير ملموسة، كما في إعارة العقار والمركوبات.
وتارة تكون ملموسة، كما في إعارة الماشية ليُشرب لبنُها أو الشجرة ليؤكل ثمرها.
فكما أن العارية من باب التبرع بالمنافع فكذلك القرض.
وأما الحكم الخاص للقرض فهو حكمه الذي يخص المُقْرِض، وحكمه الذي يخص المقترض.
فالذي يخص (المقرض) هو أن الأصل فيه أنه مندوب (للمقرض)؛ لما ورد من أحاديث تحض على الإقراض.
وقد يعرض ما يوجب فعله فيصير واجبا، كالإقراض للمضطر ممن اضطر إليه لحفظ النفس أو المال.
أو يعرض ما يسبب كراهيته كالاستعانة به على مكروه.
أو ما يحرمه، كالاستعانة به على معصية.
وحكمه الذي يخص (المقترض) هو الإباحة، فلا خلاف في جواز الاستقراض عند الحاجة
قال الإمام أحمد - رحمه الله -: (ليس القرض من المسألة)، يعني ليس بمكروه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستقرض؛ فلو كان مكروهاً أو كان هناك عيب على طالبه لكان صلى الله عليه وسلم أبعد الناس منه، ولأنه إنما يأخذه المقترض بعوض فأشبه الشراء بديْن في الذمة.
توثيق القرض في الشريعة الإسلامية :
إن الإنسان بطبيعته وجِبِلَّته محب للمال، وإن كان ذلك على درجات متفاوتة في طول أمله وقصره.
قال الله تعالى: {وَتُحِبُّونَ المَالَ حُباًّ جَماًّ} [الفجر: 20]، لذلك لما طلب الشرع من صاحب المال أن يفارقه فترة من الزمن بإقراضه لأخيه المحتاج دون طلب منفعة مادية، جعل لذلك المال المقرض بعض وثائق، كي يطمئن قلب المقرض برجوعه إليه.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَن يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً ... } [البقرة: 282].
في هذه الآية أمر بكتابة الدّيْن الذي يشمل القرض الحسن وباقي البيوع المؤجلة.
ومنها استنبط العلماء أحكاماً كثيرة بالنسبة للشهادة والشاهد والمشهود عليه.
كذلك توثيق الدين بالرهن:
قال تعالى: {وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِباً فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283]، وثبت في السنة أن توثيق الدين بالرهن لا يختص بحالة السفر؛ لأنه كما روت عائشة رضي الله عنها: «أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعاماً إلى أجل، ورهنه درعاً له من حديد».
و كذلك توثيق الدّيْن بالضمان:
والمراد بالضمان هو أن يلتزم إنسان أداء دين إنسان آخر إذا كان ذلك الآخر لا يؤديه، أو هو ضم ذمة الضامن إلى ذمة المضمون عنه في التزام الحق، فيثبت في ذمتهما جميعاً، ولصاحب الحق مطالبة من شاء منهما.
الإسلام يحض و يحث على الإقراض :
فعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «دخل رجل الجنة فرأى مكتوبا على بابها: الصدقة بعشر أمثالها، والقرض بثمانية عشر».
فلم يكتف الإسلام بوضع قواعد لتوثيق المال المقرَض يأتمن بها صاحب المال ويطمئن في إقراضها، وإنما حض عليه وحرَّض المؤمنين على دفعه؛ حيث وعد الله لهم الإثابة عليه، وجعله قربة يتقرب به العبد إليه.
كما بيّن نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم جزاء القائم به من الثواب وعون الله والتيسير له في الدارين.
هذا كله لما في القرض من الرفق بالمحتاجين والرحمة بهم وتفريج كربهم.
وقد تتابعت آثار من الصحابة في الدلالة على أن الإقراض مرتين للمحتاج خير من التصدق عليه بالمال المقرَض مرة، أو كالصدقة بها عليه.
منها ما روي عن ابن عباس أنه قال: (لأن أُقرِض مرتين أحب إليّ من أن أعطيه مرة).
ومنها ما روي عن ابن مسعود أنه قال: (لأن أُقرض مرتين أحب إليّ من أن أتصدق).
كما روي مثل ذلك عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم أجمعين.
ثانياً القرض الربوي :
إذا كان القرض بمعنى دفع المال إرفاقاً لمن ينتفع به ويرد مثله أو قيمته، وكان الربا بمعنى تلك الزيادة المالية التي لا مقابل لها في معاوضة مال بمال تبيّن واضحاً أن القرض الربوي هو :القرض الذي يشترط فيه المقرض شيئاً زيادة على ما أقرض.
و المعلوم لدى الجميع أن الربا المحرم في عصر النبوة كان في القرض :
إن الربا المتعامل به في عصر النبوة والذي سماه القرآن ربا هو تلك الزيادة المشروطة في القروض والديون؛ لأن هذه المعاملة هي ما يرجع إليه لفظ الربا في ذلك العصر.
وهي معاملة شائعة ومعروفة بينهم.
1. قال الجصاص: الربا الذي كانت العرب تعرفه وتفعله، إنما كان قرض الدراهم والدنانير إلى أجل، بزيادة على قدر ما استقرض، على ما يتراضون به ....... هذا كان المتعارف المشهور بينهم ،ثم قال: ولم يكن تعاملهم بالربا إلا على هذا الوجه الذي ذكرنا، من قرض دراهم أو دنانير إلى أجل، مع شرط الزيادة.
2. وقال الرازي: أما ربا النسيئة فهو الأمر الذي كان مشهوراً متعارَفاً في الجاهلية؛ وذلك أنهم كانوا يدفعون المال على أن يأخذوا كل شهر قدراً معيناً، ويكون رأس المال باقياً، ثم إذا حلّ الدين طالبوا المدين برأس المال، فإن تعذر عليه الأداء زادوا في الحق والأجل؛ فهذا هو الربا الذي كانوا في الجاهلية يتعاملون به.
نفهم مما تقدم أن الربا المتعامل به في عصر النزول، والذي جاءت آيات القرآن بتحريمه كان على القرض، وهو نوعان:
النوع الأول: هو تلك الزيادة التي تشترط في أول العقد في عقد القرض، فيكون العقد ربويا من الأصل وهو الإقراض باشتراط فائدة
النوع الثاني: هو الزيادة الثانية أو المكررة، في دين البيع.
وهو الذي قلنا: يبيع الرجل البيع إلى أجل مسمى؛ فإذا حل الأجل ولم يكن عند صاحبه قضاء زاده وأخّر عنه، وهو ما يسمى البيع الآجل.
وإن كان ذلك لا يعني أنهم لا يزيدون في ثمن البيع على قيمته نقداً.
الفائدة في القرض هي عين الربا :
يتضح مما تقدم أن الربا المعهود في عصر النبوة هو تلك الزيادة التي يشترطها المقرِض على رأس مال القرض؛ فكذلك الفائدة التي عرّفوها بأنها: الزيادة على رأس المال النقدي المقرَض، بشرط ألا يزيد على الحد المقرر قانونياً، فإذا زادت عليه فهو الربا عندهم في قانون الاقتصاد الرأسمالي.
ولكي نزيد الأمر وضوحاً، ينبغي أن نبيّن أوصاف القرض الربوي التي إذا اكتملت في القرض صار ربوياً، على رغم ما سمي به من الأسماء، و هي:
1. الزيادة التي يزيدها المقرِض على أصل رأس مال القرض.
2. الأجل الذي من أجله تؤدى هذه الزيادة.
3. كون هذه الزيادة شرطا مضموناً في التعاقد.
ومعروف أن هذه الأوصاف الثلاثة قد اجتمعت في القروض ذات الفوائد التي نتكلم عنها (يعني فوائد البنوك)
ويزيد موقفنا هذا تأكيداً: أن المجامع الفقهية الإسلامية قد أجمعت على أن هذه الفوائد محرمة وأنها عين الربا بأنواعها .
و بعد هذا كله و مع انتشار البنوك الإسلامية هل يمكن لهذه البنوك أن تقدم مثل هذه الخدمة ( القرض الحسن ) لجمهور الناس ؟؟؟
الدكتور يوسف شنار
المراقب الشرعي
الفرق بين القرض الحسن والقرض الربوي -2-
الفرق بين القرض الحسن والقرض الربوي -2-
حضّت الشريعة الإسلامية الأتباع على توخّي كل ماله علاقة بالصّدقة الجارية، وخصوصا ما يعود به النفع على عباد الله، وكما هو معلوم فالصدقة الجارية حسب المفهوم الشرعي تنفتح على أصعدة كثيرة. وأجمل من ذلك ما عبر عنه المعصوم صلى الله عليه وسلمالإيمان بضعٌ وستون ـ وفي رواية وسبعون ـ شعبة، أفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق)، ولذلك لابدّ للمسلم أن يحرص على الأمور التي يناله منها الحسنات، ولعلّ أفضلها المشاركة في صندوق ـ كصندوق القرض الحسن تقوم بجمع الأموال لمساعدة المحتاجين والفقراء والمضطرين، بدل أن يضعوها كودائع جارية تحت الطلب، أي بدل تجميدها كأمانات، ولذلك عليهم أن يتقدّموا بها أو بقسم منها إلى صندوق القرض الحسن، لتتكاتف الجهود كلها في سبيل مرضاة الله تعالى، وتقديم النفع لعبادة، عسى أن يدخلوا تحت ظلال قوله تعالى: (ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً ،إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً ، إنا نخاف من ربنا يوماً عبوساً قمطريراً ، فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرةّ وسروراً ، وجزاهم بما صبروا جنة وحريراً) سورة الإنسان:/8 ـ 12/ ولا بأس أن تساعد الأفراد مع حكوماتهم، حيث يتبرّع المستطيعون ( الأغنياء) بجزء من مالهم , يخصّص ولاة الأمر جزءاً من أموال البترول أوالموازنة وما إلى هنالك، عسى أن تنقلب الأنانية إلى أثرة، وحب الأنا إلى النحن، وعندئذٍ ينطبق عليهم قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضاً) وشبّك بين أصابعه. وقوله صلوات الله عليهالمؤمن مرآة المؤمن، والمؤمن أخو المؤمن، يكفُّ عليه ضَيعته، ويحوطه من ورائه) ، وقوله صلى الله عليه وسلمالدَّين النصيحة، قالوا: لمن يا رسول الله، قال: لله، ولكتابه، ولأئمة المسلمين، والمسلم أخو المسلم، لا يخذله، ولا يكذبه، ولا يظلمه، وإنّ أحدكم مرآة أخيه، فإن رأى به أذى فليمُطه عنه). يد الله مع الجماعة وكما هو معروف، فالفرد لوحده لا يستطيع فعل شيء، إنما لابدّ من التعاون والتكافئ، وعندئذٍ تكون المسألة كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (يد الله مع الجماعة ).
ومن جهة أخرى،لا يمكن القيام بأي عمل اقتصادي إلا تحت مظلة نظام الفوائد فهذا أمر غير صحيح، لأن الفائدة (Interest) في اصطلاح الاقتصاديين هي: الثمن الذي يدفعه المقترض مقابل استخدام نقود المقرض، وعادةً يُعبّر عن هذا الثمن في صورة نسبة مئوية في السنة، يسمى معدّل أو سعر الفائدة (Rate of interest).
الفائدة والمشاكل الاقتصادية وبالتالي تُعتبر الفائدة من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي واكبت اكتشاف البشر للنقود، بحيث عندما كان الناس يتعاملون بالمقايضة لم يكن ثمّة فوائد، وعندما دخلت النقود إلى مجالات التبادل، وأصبح هناك مشترون وبائعون، ثم أصبح هناك من يضطر لتأخير الدفع وما إلى هنالك، تحولت المسألة إلى فوائد، ومن ثمَّ تحولت إلى إقراض النقد بالربا، وكل ذلك مخالفٌ لفطرة الإنسان ولما جاءت به الشرائع السماوية. والذي زاد الطين بلة أنه ظهرت في العصر الحديث نظريات تبرّر وجود الفائدة، أهمها:
- نظرية الريع: الفائدة هي ريع النقود، تماماً كما أن الريع هو عائد الأرض، وعلى رأس أنصار تلك النظرية وليم بيتي .
- نظرية الربح: وهي معدل الربح في العادة أعلى من الفائدة.
- نظرية المخاطر: الفائدة تعويض عن مخاطر عدة التي يتعرّض لها المقرض.
- نظرية أجر الزمن: أن الفائدة أجر الزمن، فما يُباع ويشترى في سوق رأس المال ليس إلا الزمن.
- نظرية الحرمان والانتظار: الفائدة هي أجر جهد الادخار، ومقابل انتظار المدخر لتحقيق رغباته وتعويضه عن حرمانه من ماله بماله يضاف إلى أصل القرض.
- نظرية تفضل السيولة: أن الفائدة ثمن للنزول عن السيولة، أي أنها ثمن لإقراض النقود.
- نظرية بخس المستقبل: المال الحاضر أعلى قيمة من المال المستقبل من نفس النوع وبكمية متساوية، إذ توجد نزعة نفسية لدى الفطرة البشرية لتفضيل المال الحاضر على المال المستقبل.
وقد نوقشت كل تلك النظريات وانُتقدت، وبالتالي فالمسألة ليست إلا تبريراً لأمرٍ مرفوض ومخالف للفطرة الإنسانية ولكل الشرائع السماوية.
والبديل هو القرض الحسن، وذلك لما فيه من فوائد دنيوية وأخروية، ألا يكفي شاكر المقترض للمقرض ودعاؤه له، ألا يكفي انتفاع المقرض بضمان ماله عند المقترض؟ ألا يكفي انتفاع المقرض بضمان خطر الطريق؟ ألا يكّفي انتفاع المقرض بشفاعة المقترض وجاهه؟ أجل! هناك فرق كبير بين أن يتعامل الناس بالربا والفائدة، وبين أن يتعاملوا بالقرض الحسن، لأن الشريعة الإسلامية اعتبرت القرض من جنس الصدقة، دليل ذلك أن القرآن الكريم وصف القرض بأنه القرض الحسن، وسبب ذلك أن القرض من دون فوائد يتضمّن الإحسان إلى طالبيه من الناس، وهذا ما تؤديّه الصدقة، وصدق الله عندما قال: (من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرة( سورة البقرة:/245/ وما تعاني منه المجتمعات المعاصرة، من مآسي وأزمات اقتصادية, سببه الرئيسي الابتعاد عن المنهج القرآني الذي وضع في الطرف الأول (الربا) واعتبر جزاؤه المحق والهلاك، يقابله في الطرف الآخر "الصدقات" ومثلها "القرض الحسن" وجزاؤه النماء والبركة والزيادة، وأكدّ أنهما نقيضان وضدّان لا يجتمعان، قال الله تعالى: (يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحبّ كل كفار أثيم( سورة البقرة:/276/
مرونة الشريعة الإسلامية : وتبقى مرونة الشريعة الإسلامية حجّة على الناس المقتنعين بضرورة الانخراط في نظام الربا والفائدة، بحيث تقدّم الشريعة البدائل الأخرى لتمويل العمليات الإنتاجية والاستثمارية، ومنها: المشاركة في الربح والخسارة، والمضاربة، والمرابحة، والمزايدة الاستثمارية، وعقد الاستصناع، وعقد السّلم، والتمويل على أساس المعدل العادي للعائد، و وصدق الله تعالى حينما ذكر أوجه البر والخيرات، ومنها: (ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب( سورة البقرة:/177/ ولا مجال أبداً للمقارنة بين ما جاء من عند الله تعالى وبين ما وضعته أيدي البشر، قال الله تعالى وهو يبيّن حقيقةً نلمسها في الواقع المُعاش: (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) سورة الملك:/14
حضّت الشريعة الإسلامية الأتباع على توخّي كل ماله علاقة بالصّدقة الجارية، وخصوصا ما يعود به النفع على عباد الله، وكما هو معلوم فالصدقة الجارية حسب المفهوم الشرعي تنفتح على أصعدة كثيرة. وأجمل من ذلك ما عبر عنه المعصوم صلى الله عليه وسلمالإيمان بضعٌ وستون ـ وفي رواية وسبعون ـ شعبة، أفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق)، ولذلك لابدّ للمسلم أن يحرص على الأمور التي يناله منها الحسنات، ولعلّ أفضلها المشاركة في صندوق ـ كصندوق القرض الحسن تقوم بجمع الأموال لمساعدة المحتاجين والفقراء والمضطرين، بدل أن يضعوها كودائع جارية تحت الطلب، أي بدل تجميدها كأمانات، ولذلك عليهم أن يتقدّموا بها أو بقسم منها إلى صندوق القرض الحسن، لتتكاتف الجهود كلها في سبيل مرضاة الله تعالى، وتقديم النفع لعبادة، عسى أن يدخلوا تحت ظلال قوله تعالى: (ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً ،إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً ، إنا نخاف من ربنا يوماً عبوساً قمطريراً ، فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرةّ وسروراً ، وجزاهم بما صبروا جنة وحريراً) سورة الإنسان:/8 ـ 12/ ولا بأس أن تساعد الأفراد مع حكوماتهم، حيث يتبرّع المستطيعون ( الأغنياء) بجزء من مالهم , يخصّص ولاة الأمر جزءاً من أموال البترول أوالموازنة وما إلى هنالك، عسى أن تنقلب الأنانية إلى أثرة، وحب الأنا إلى النحن، وعندئذٍ ينطبق عليهم قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضاً) وشبّك بين أصابعه. وقوله صلوات الله عليهالمؤمن مرآة المؤمن، والمؤمن أخو المؤمن، يكفُّ عليه ضَيعته، ويحوطه من ورائه) ، وقوله صلى الله عليه وسلمالدَّين النصيحة، قالوا: لمن يا رسول الله، قال: لله، ولكتابه، ولأئمة المسلمين، والمسلم أخو المسلم، لا يخذله، ولا يكذبه، ولا يظلمه، وإنّ أحدكم مرآة أخيه، فإن رأى به أذى فليمُطه عنه). يد الله مع الجماعة وكما هو معروف، فالفرد لوحده لا يستطيع فعل شيء، إنما لابدّ من التعاون والتكافئ، وعندئذٍ تكون المسألة كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (يد الله مع الجماعة ).
ومن جهة أخرى،لا يمكن القيام بأي عمل اقتصادي إلا تحت مظلة نظام الفوائد فهذا أمر غير صحيح، لأن الفائدة (Interest) في اصطلاح الاقتصاديين هي: الثمن الذي يدفعه المقترض مقابل استخدام نقود المقرض، وعادةً يُعبّر عن هذا الثمن في صورة نسبة مئوية في السنة، يسمى معدّل أو سعر الفائدة (Rate of interest).
الفائدة والمشاكل الاقتصادية وبالتالي تُعتبر الفائدة من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي واكبت اكتشاف البشر للنقود، بحيث عندما كان الناس يتعاملون بالمقايضة لم يكن ثمّة فوائد، وعندما دخلت النقود إلى مجالات التبادل، وأصبح هناك مشترون وبائعون، ثم أصبح هناك من يضطر لتأخير الدفع وما إلى هنالك، تحولت المسألة إلى فوائد، ومن ثمَّ تحولت إلى إقراض النقد بالربا، وكل ذلك مخالفٌ لفطرة الإنسان ولما جاءت به الشرائع السماوية. والذي زاد الطين بلة أنه ظهرت في العصر الحديث نظريات تبرّر وجود الفائدة، أهمها:
- نظرية الريع: الفائدة هي ريع النقود، تماماً كما أن الريع هو عائد الأرض، وعلى رأس أنصار تلك النظرية وليم بيتي .
- نظرية الربح: وهي معدل الربح في العادة أعلى من الفائدة.
- نظرية المخاطر: الفائدة تعويض عن مخاطر عدة التي يتعرّض لها المقرض.
- نظرية أجر الزمن: أن الفائدة أجر الزمن، فما يُباع ويشترى في سوق رأس المال ليس إلا الزمن.
- نظرية الحرمان والانتظار: الفائدة هي أجر جهد الادخار، ومقابل انتظار المدخر لتحقيق رغباته وتعويضه عن حرمانه من ماله بماله يضاف إلى أصل القرض.
- نظرية تفضل السيولة: أن الفائدة ثمن للنزول عن السيولة، أي أنها ثمن لإقراض النقود.
- نظرية بخس المستقبل: المال الحاضر أعلى قيمة من المال المستقبل من نفس النوع وبكمية متساوية، إذ توجد نزعة نفسية لدى الفطرة البشرية لتفضيل المال الحاضر على المال المستقبل.
وقد نوقشت كل تلك النظريات وانُتقدت، وبالتالي فالمسألة ليست إلا تبريراً لأمرٍ مرفوض ومخالف للفطرة الإنسانية ولكل الشرائع السماوية.
والبديل هو القرض الحسن، وذلك لما فيه من فوائد دنيوية وأخروية، ألا يكفي شاكر المقترض للمقرض ودعاؤه له، ألا يكفي انتفاع المقرض بضمان ماله عند المقترض؟ ألا يكفي انتفاع المقرض بضمان خطر الطريق؟ ألا يكّفي انتفاع المقرض بشفاعة المقترض وجاهه؟ أجل! هناك فرق كبير بين أن يتعامل الناس بالربا والفائدة، وبين أن يتعاملوا بالقرض الحسن، لأن الشريعة الإسلامية اعتبرت القرض من جنس الصدقة، دليل ذلك أن القرآن الكريم وصف القرض بأنه القرض الحسن، وسبب ذلك أن القرض من دون فوائد يتضمّن الإحسان إلى طالبيه من الناس، وهذا ما تؤديّه الصدقة، وصدق الله عندما قال: (من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرة( سورة البقرة:/245/ وما تعاني منه المجتمعات المعاصرة، من مآسي وأزمات اقتصادية, سببه الرئيسي الابتعاد عن المنهج القرآني الذي وضع في الطرف الأول (الربا) واعتبر جزاؤه المحق والهلاك، يقابله في الطرف الآخر "الصدقات" ومثلها "القرض الحسن" وجزاؤه النماء والبركة والزيادة، وأكدّ أنهما نقيضان وضدّان لا يجتمعان، قال الله تعالى: (يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحبّ كل كفار أثيم( سورة البقرة:/276/
مرونة الشريعة الإسلامية : وتبقى مرونة الشريعة الإسلامية حجّة على الناس المقتنعين بضرورة الانخراط في نظام الربا والفائدة، بحيث تقدّم الشريعة البدائل الأخرى لتمويل العمليات الإنتاجية والاستثمارية، ومنها: المشاركة في الربح والخسارة، والمضاربة، والمرابحة، والمزايدة الاستثمارية، وعقد الاستصناع، وعقد السّلم، والتمويل على أساس المعدل العادي للعائد، و وصدق الله تعالى حينما ذكر أوجه البر والخيرات، ومنها: (ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب( سورة البقرة:/177/ ولا مجال أبداً للمقارنة بين ما جاء من عند الله تعالى وبين ما وضعته أيدي البشر، قال الله تعالى وهو يبيّن حقيقةً نلمسها في الواقع المُعاش: (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) سورة الملك:/14
منتدى الإبداع لتلاميذ ثانوية إدريس الحريزي التأهيلية :: منتدى ثانوية إدريس الحريزي التأهيلية :: أنشطة مادة التربية الإسلامية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى