منتدى الإبداع لتلاميذ ثانوية إدريس الحريزي التأهيلية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الإمبريالية الغربية من الإحتلال العسكري إلى الإستلاب الثقافي

اذهب الى الأسفل

الإمبريالية الغربية من الإحتلال العسكري إلى الإستلاب الثقافي Empty الإمبريالية الغربية من الإحتلال العسكري إلى الإستلاب الثقافي

مُساهمة  عبد الصمد أفقير السبت فبراير 12, 2011 6:54 pm

[size=18]بسم الله الرحمان الرحيم
انطلاقا من الموضوع الذي فتحه الأستاذ البويسفي محمد في هذا المنتدى حول سؤال الهوية، ارتأيت أن أسهم بهذا العمل المتواضع، بما يفيد تلامذتنا، في وعيهم بالقضايا الفكرية التي تناقش في الساحة الفكرية الآن، ومن بين هذه النقاشات، نجد سؤال الهوية الحضارية للأمة العربية والإسلامية. وقبل أن نخوض في هذا الموضوع يجب أن نعلم أن كل أمة تطرح هذا السؤال من هي؟ فإنما هي على مشارف النهضة، فسؤال الهوية ظل سؤالا نهضويا على مر تاريخ الإنسانية، إذ أنه يعبر عن وعي هذه الأمة بذاتها ككيان يجب أن يحدد منطلقاته الفكرية واختياراته الحضارية والتاريخية. هذا من جهة ومن جهة ثانية فإن ذلك أيضا يعبر عن أن هذه الأمة أصبحت تدرك أن هذه الهوية أو هذه الذات بشروطها الحضارية أصبحت مهددة بالنسف، وأصبحت تشعر برياح غريبة تمنعها من الوصول إلى قمة التقدم. نعم فهذه الهوية طالما كانت مهددة على مر عصور التاريخ لكن الوعي بهذا التهديد اختلفت درجته من عصر لآخر، وعصرنا هذا بما يلاحظ فيه بين الأوساط الفكرية يعبر عن طرح قوي وجدي لهذا السؤال. فقد تمت محاولة محو هذه الهوية نهائيا واستبدالها بأوطان مستعمرة (بكسر الميم)، في غزو عسكري مباشر لبلدان العالم الثالث، والعالم العربي الإسلامي خصوصا، إذ أن الدول الغربية طالما اعتقدت أن الإنسان العربي إنسان بدوي من السهل استباحة حريته، واستنزاف ثرواته وخيراته، وجعله في خدمة الأطماع الغربية، غير أن مقاومته الباسلة جعلت الغرب يتقهقر عن محاولته لأن الإنسان مجبول في طبيعته بطلب الحرية ورفض الإستعباد. وإذا أردنا أن نقترب من الصورة أكثر نتأمل قول فرانسيس بيكون، أحد مؤسسي البنية الفكرية للمجتمع الغربي الحديث لنعرف طريقة تفكير هذا الآخر: [color=darkblue]"ربما يكون من المستحسن أن نميز بين ثلاثة أنواع ودرجات من الطموح. الأول طموح الإنسان الذي يصبو إلى أن يبسط سلطانه داخل وطنه، وهو طموح عامي ووضيع. يليه طموح من يحاول أن يوسع من قوة بلده وسيطرتها على الجنس البشري، وهو طموح أكثر احتراما.أما إذا سعى الإنسان لأن يجدد من قوة لجنس البشري عامة ويوسع من سيطرته على الكون فإن هذا الطموح أكثر عظمة ونبلا من الآخرينز"/color] إذا تأملنا هذا النص نجده يعكس ثلاث مقومات تاريخية قامت عليها الحضارة الغربية. أولها الثورات والصراعت الداخلية التي عرفتها أوربا في القرن 19. والثانية التوسع الإستعماري للدول الأوروبية خلال القرن العشرين. وآخر هذه المقومات هو الذي نسميه الإستلاب الثقافي. فكيف يتمظهر هذا الإستلاب في الحياةالثقافية للإنسان العربي المسلم؟
1- دلالة الإستلاب الثقافي
أول ما يمكن أن نقوله عن الإستلاب الثقافي هو أنه جزء من السيرورة التاريخية التي أخذتها الحضارة الغربية في بنائها، ويمثل الطموح الأخير الذي تحدث عنه فرانسيس بيكون، والمتمثل في السيطرة على العالم. وهو أخطر أشكال الإحتلال، لأنه يحمل وراءه كل أشكال التخلف. ويمكن تلخيص ذلك في قول الدكتور المهدي المنجرة " ونحن نقرأ في آخر تقرير لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية المتعلق بالتنمية البشرية أن 14 بلدا أصبحت اليوم أفقر من سنة 1991، وأن معل العمر قد تراجع في 34 بلدا في الوقت الذي تزايدت فيه المجاعة في 12 بلدا ويأتي ذلك بعد الإستلاب الثقافي الذي يمكن اعتباره الذل الأكثر خطرا على المستوى البعيد، لأن الأمر يتعلق بعدوان على منظومة القيم". يتضح من ذا المقطع ان الإستلاب الثقافي هو نوع من الإغتراب تعيشه الذات نتيجة استهداف منظومتها القيمية واستبدالها بمنظومة أخرى دون مراعاة الشروط التاريخية التي كونت هذه المنظومة البديلة. وذلك بجعل هذه الأخيرة تبدو صالحة لكل زمان ومكان وكأنها كتاب مقدس، تحت يافطة الديمقراطية وحقوق الإنسان، والحرية، ومحاربة الإرهاب...الخ
وهذا ما يسمى بالعولمة، المشتقة من العالمية وليس من العالمية (بكسر اللام)، ويعرفها الدكتور المهدي المنجرة بأنها الإستعمار الجديد الشمولي، وهي عكس ما يقال - بأنها انفتاح- بل هي افنكماش الحقيقي الذي يسعى إلى تطويق حركة الآخر بتوجيهات كيان واحد. ويتضح ذلك على عدة مستويات من حياة النسان العربي المسلم.
تجليات الإستلاب الثقافي
تتجلى خطورة الإستلاب الثقافي وجوانب الحياة انساني، وجعل الإنسان يحس بما يسمى بالعبودية الطوعية، فيصدق بأنه ضعيف وخانع وغير قادر على فعل أي شيئ، وهذا ما يسمى بالهدر الإنساني الذي يتمظهرعلى المستويات التالية
- المستوى الفكري: إذا تمثلنا المشاريع النهضوية الفكرية العربية التي تناقش الآن سؤال الهوية، سنجد بأنها ترهن النهضة العربية الإسلامية بشروط النهضة التي قامت عليها الحضارة الغربية. وذلك بحجة التقدم التكنولوجي الذي حققه الغرب، بتغافل منهم على أن هذا التطور العلمي تحقق في جزء أكبر منه بالسيطرة على الموارد الطبيعية للبلدان الأخرى، وفي جزء آخر على نتائج الحضارة الإسلامي. ليتم اسقاط هذا التقدم التكنولوجي على مستوى القيم. وكأن لسان حالهم يقول" الغرب تقدم تكنولوجيا لأن لديه هته القيم، وعلينا اتباعها، وإلا سندخل في طائفة الإرهابيين" وما هذا إلا نوع من الإنبهار بالتقدم التكنولوجي الذي حققه الغرب. لذلك لابد بالنسبة إليهم من القطيعة مع الماضي(الدين)، كما فعل الغرب دون أن يدروا أن هذه القطيعة فرضتها عليهم شروط تاريخية (سطوة الكنيسة وجبروتها).
- المستوى الإقتصادي: وراء كل وضعية اقتصادية فك اقتصادي يحركها، فإذا عدن إلى النظام الرأسمالي نجد بأنه يتحرك بفكرة حرية التنافس، ونجد بأن النظام الإشتراكي يقوم على الفلسفة المادية الإشتراكية...الخ. ومن حقنا أن نتساءل عن الفكر الذي يحرك وضعيتنا الإقتصادية. إنه فكر مستلب، يتميز بالتبعية، وبالتالي فمن المنطقي أن يكون الإقتصاد مستلبا أيضا. أي أننا نخضع للتبعية الإقتصادية للغرب. لذك فالإقتصاد بهذا المعنى يصبح خاضعا لمصلحة الآخر وأهدافه لا الأهداف الداخلية للأمة. ولا يحقق أدنى المطالب الإقتصادية لها.
- المستوى افجتماعي: فكر مستلب= اقتصاد مستلب=مجتمع مستلب. معادلة منطقية لايمكن تفكيكها إلا بإلغاء الإستلاب. فالنتيجة هي المجتع المستلب. ونتحدث هنا عن تنميط للعلاقات الأسرية وفق ما تقتضيه الثورة الإعلامي والمعلوماتية، هذا بالإضافة إلى الضغط المادي الذي يفرض على الأسرة نوعا من العلاقة لايسود فيها الحوار ولا التواصل.تنميط الإحتفالات والأعياد وربط الإنسان العربي المسلم بأعياد عالمية، أكثر من الأعياد الدينية والوطنية( رأس السنة). تنميط على مستوى اللغة، فلغتنا أصبحت مليئة بالمفاهيم الدخيلة التي تعيق التواصل أحيانا، وتخلق صورة من قيم متصارعة فيما بينها. لتتغلغل لغة الدردشة المعلوماتية داخل لغتنا.... إلخ
- المستوى الفني: في هذا المستوى نتحدث عن تنميط للأدواق الفنية، وحصرها في الجسد خصوصا جسد المرأة الذي أصبح خاضعا لقانون العرض والطلب. وأصبح يحسم في الجمال ببضع سنتمرات من جسد الإنسان، والمرأة خصوصا. والأدواق الفنية أصبحت تركز أكثر على صورة الجسد بدل بلاغة القول أو عذابة اللحن.
-المستوى النفسي: يشكل هذا المستوى النتيجة النهائية لكل المستويات الأخرى. بحيث أصبحت الشعوب العربية والإسلامية غير قادرة على تكوين رؤيا مستقبلية، لأنه لم يعد بمقدورها أن تحلم فأحلامها استبدلت بأحلام لاتخصها. فتحولت الكماليات إلى ضروريات زادت من الضغط النفسي للإنسان العربي فأصبح في قلق دائم خوف الخلف عن ركب الغرب الذي يعتقد بأنه النمودج المثل للتقدم.

خاتمة:
لا يسعني في الأخير أن أختم إلا بقولة للدكتور المهدي المنجرة التي تبلغ رسالة الإصلاح أكثر من أي تعليق أو تاويل:
"مصير ثقافتنا الوطنية رهين بتطهير أجوائها من المثقفين المرتزقة وبدحر كل ما هو دخيل على أفكارنا حتى نبني لشعوبنا أرضية ثقافية قوامها الأمانة في العمل الفكري لتنعتق من الإستلاب الفكري والإنسلاخ الثقافي" .
وأتمنى في الواقع أن يفهم كل تلميذ وتلميذة هذه الرسالة ليضع مسافة نقدية بينه وبين مايستهلكه، ويسأل نفسه من هو ، وما هي وظيفته في الوجود. وهل هو حر فعلا كما يعتقد، بانسلاخه عن أخلاقه وقيمه؟ أم أنه مستعبد لقيم أخرى؟ وهل تلك الصورة التي يحملها صورته الحقيقية أم مجرد مساحيق تجميل لن تؤدي في الأخير إلا لمسخ وجهه الحضاري؟ وما المطلوب منه في هذه اللحظة
كتلميذ؟[/size]

عبد الصمد أفقير

عدد المساهمات : 18
نقاط : 44
تاريخ التسجيل : 09/04/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى